الكرة العالمية
أخر الأخبار

كورباتا .. موهبة جاءت من ريف الأرجنتين سقطت في دوامة “الكحول” بسبب “فتاة ليل”

يعد اللاعب اللأرجنتيني ” عمر أوريستي كورباتا” من المهاجمين المميزين في بداياته فقد سطع نجمه عندما دخل لعالم الساحرة المستديرة بعام 1955، و لكن منذ أن بدأت نجوميته و بدأت معاها بالتوازي رحلة سقوطه و هذا ما لم يكن يعلمه الأرجنتيني إلى انتهى به الحال مفلساً في حياته و مخموراً مغموراً عند وفاته.

في البداية قبل أن نتعمق في أحداث قصتنا المأساوية إلى حد كبير دعونا نتعرف على بطل قصتنا اليوم، فمن هو كورباتا؟

أسمه الكامل ” عمر أوريستي كورباتا” و لكن عرف بعالم كرة القدم بأسم ” أوريستي كورباتا“، و هو أرجنتيني الجنسية، حيث ولد يوم 11 مارس عام 1936 بمدينة ” لا بلاتا “، بالقرب من العاصمة الأرجنتينية ” بوينس آيرس”.

و منذ لحظه ولادته و عانى من الظروف التعيسة فلم يكن له الحظ بالسعادة سوى لفترات قصيرة في حياته، توفي والده و هو طفل صغير لم يكمل ال15 من عمره، فلم يستطع أن يعيش كورباتا حياته كطفل طبيعي فلم يتلقى تعليمه و كان يعمل ليقدر على ان يعيش هو و اسرته.

و عمل كورباتا كبائع للفواكه و كانت تنقسم طفولته بين العمل، و لعب كرة القدم بالشارع حينما كان يتثنى له الوقت لذلك.

و شق اللاعب طريقه في عالم كرة القدم عبر بوابة نادي راسينج بعام 1955، ثم لمع نجمه و نال شهره واسعة لينضم بعد ذلك لمنتخب الأرجنتين و في ال20 من عمره.

و على الرغم من أنه قد نال قدر كبير من الشهرة إلا أنه كان خجول جداً و يتجنب الأضواء، و وصل بيه الخجل إلا انه لم يكن يجهر بأنه لا يعرف كيف يقرأ أو يكتب، و دائماً ما كان يحمل معه جريدة لتوحي للناس أنه يعرف كيف يقرأ أو يكتب إذا إضطر لذلك.

و لم يخبر كورباتا أحد بأنه يجهل القراءة و الكتابة، و لكنه أخبر فقط القليل من المقربين له بفريقه بذلك، و كانوا يساعدوه بالقراءة له تقارير المباراة و قوائم اللاعبين، و كان يشعر بسعادة بالغه حينما كان يسمع اسمه بتقرير او قائمة خاصة باللقاءات.

و علمه قائد فريق رسينج في ذلك الوقت و الذي كان “بيدرو ديلاكا” كيف يوقع على العقود بأسمه، و هذا الأمر قد تعلمه كورباتا بصعوبة شديدة و لكن قد أستوعبه و أتقنه في النهاية.

و نال الإنتقادات الهائلة من الصحافة ببدايته مع راسينج، حيث وصفته الصحف بأنه ” الفتى الحزين القادم من الريف“، لكنه حينما كان يستمع لتلك الأمور كان يضع تركيزه التام في التدريبات و لا يلتفت لتلك الأمور.

و قضى كورباتا 7 سنوات بصفوف راسينج و تمكن من التتويج معه بلقب الدوري الأرجنتيني مرتين، بالإضافة إلى تقديمه مستوى مميز سواء في المرواغات أو إحراز الأهداف ليدخل دائرة اهتمام الأندية، و يتصارعوا على ضمه.

و وسط هذا البريق كان يكمن أول مسمار في نعش كورباتا، حيث حاول بعض زملائه أن يجعلوه يتخطى خجله و ذلك بجعله يتقابل مع فتاة سيئة السمعة أو كما يصفونها ” فتاة ليل” لتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حيث أن كورباتا قد وقع بحبها و تزوجها و عاشا معاً بمنزل بمدينة ” أنفيلد” حتى عام 1959.

و بأحد الأيام في أواخر عام 1959 عاد اللاعب إلى منزله كما هو المعتاد و لكن تلك المرة كانت مختلفة تماماً، حيث وجد منزله خاوياً تماماً فلم يجد زوجته أو حتى الأثاث.

و حينما كان يسأل عن هذا الأمر كان يرد ساخراً و لكن بنبرة يتخللها الحزن ملعقاً ” لم تترك شئ بالمنزل، لم تترك حتى العناكب جعلت منزلي خاوياً تماماً “.

و بالرغم من صدمة زوجته و حزنه الشديد و لكن كانت ما تزال العروض تنهال عليه حيث كان يضع تركيزه الكامل بعمله، و من أبرز العروض التي قدمت إليه كان عرضاً من بوكا جونيورز، حيث عرضوا عليه مبلغ يقدر بحوالي 12 مليون بيسو أرجنتيني ليوافق كورباتا على هذا العرض، و ينتقل لصفوف بوكا جونيورز عام 1963.

و ظن كورباتا عقب إنتقاله لبوكا جونيورز أن الحياة ستبتسم له من جديد و سيواصل مسيرته الكروية و لن يلتفتت للماضي، و لكن بالواقع حاول كثيراً أن يركز في مصدر رزقه و لكن حزنه قد هزمه و أغرقه في دائرة إدمان الكحول، لكي ينسى صدمته العاطفية.

و ظل اللاعب غارقاً في الحزن و الكحول طوال فترة تواجده بصفوف بوكا جونيورز و تراجع مستواه بشكل ملحوظ، مما دفع إدارة النادي لتكليف شخص ليراقب تصرفاته و كان هذا الشخص هو ” كارميلو سيميوني” و ظل يراقب تحركاته لمدة كبيره إلى ان أتت له فكرة، لكي يتأكد من تصرفات اللاعب و هي ان يقوم بتفتيش غرفته سراً، وتلقى سيميوني الصدمة بعدما وجد أسفل سرير كورباتا الكثير من زجاجات الخمر، ليخبر الإدارة على الفور فأتخذت قرارها برحيلة ليكون هذا المسمار الثاني في نعشه، و قضى كورباتا 3 سنوات فقط مع بوكا جونيورز و خاض طوال تلك المدة فقط 18 لقاء، و أحرز خلالهم 7 أهداف.

و أنتقل كورباتا في رحلة جديده إلى كولومبيا و إنضم لفريق إنبدينتي ميدين، و لكن يكن لديه القدرة ليصلح من أحواله فقد كان قد بلغ به اليأس أشده، حيث تزوج للمرة الثانية و لكن تلك المرة هي من كتبت كلمة النهاية بفصول قصة كورباتا، حيث قل ماله إلى أن أصبح مفلساً إلى جانب أنه أصبح مدمناً للكحول، و يشربها أكثر من ذي قبل و ذلك بعدما تركته زوجته الثانية وحيداً و بائساً.

و عاد كورباتا من جديد لبلده الأرجنتين و لكن كطيف للاعب كرة قدم فقد تراجع مستواه، بالإضافة إلى أنه كان لا يعرف كيف يقف على قدميه من الثمالة.

و خوفاً من نقص المال و إحتياجه لها لعب بصفوف العديد من الأندية بدوري الدرجة الثانية الأرجنتيني، و كان يرغب في تأجيل إعتزاله لأطول فترة، و لكن لم يظل كثيراً يلعب كرة القدم فقد أعتزل اللعبه و هو في ال38 من عمره.

و انتهت مسيرة النجم الصاعد فى حانة خمور، ثم العيش بعد ذلك في غرفة خلع الملابس في الاستاد الخاص بنادي راسينج الذي شهد تألقه في بداياته و كان شاهداً على نهايته، و كان يدفع مقابل سكنه بتدريب فرق الناشئين بالنادي، و توفى كورباتا عن عمر يناهز 55 عاماً مفلساً و تعيساً.

و سنختتم قصتنا التعيسة ببعض كلمات كورباتا المؤثرة التي قالها عقب إعتزاله، حيث بدأ كلماته بقول: ” كرة القدم لا يوجد بها أصدقاء، و بالأخص عندما تكون حالتك سيئة”.

و أضاف: ” الجميع يختفون يا عزيزي، و بالنهاية ستترك لوحدتك و جراحك، و لن يقدموا لك يد العون فأنت لم تقدمها لنفسك منذ البداية، فلماذا سيساعدونك؟ “.

و أتم:” لقد زارتني أختي في أحدى المرات و طلبت منى أن أعود للمنزل، و لكن رفضت ذلك بشدة فلم أرغب بأن يروني في هذه الحالة السيئة و التي تثير للشفقة و فضلت أن اكون وحيداً “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى